-

أسعار النفط ترتفع بسبب التوترات الجيوسياسة

(اخر تعديل 2024-09-09 15:46:57 )
بواسطة

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا في الأسابيع القليلة الأخيرة نتيجة العديد من العوامل أهمها تصاعد الاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط والتي زادت من المخاوف تجاه نقص الامدادت واستمرار الحرب في روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى التخفضيات التي أعلنت عنها منظمة أوبك بلس، ويعتقد خبراء السوق أن الأسعار قد تصل إلى 100 دولار للبرميل في ظل استمرار تلك البيئة الصعودية.

ومنذ منتصف شهر ديسمبر الماضي ارتفع خام برنت بأكثر من 20% وفي شهر مارس وحده حقق مكاسب تخطت 10% ووصل إلى سعر 90 دولار للبرميل قبل أن يعاود التراجع.

وعلى الرغم من تلك المكاسب إلا أن حالة من الغموض تسيطر علي أسواق النفط، حيث تتقلب الأسعار بين الصعود والهبوط، فمن ناحية تدعم الأسعار تفاقم الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وهي المنطقة الغنية بالنقط واستمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومن ناحية أخري، تتزايد المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي في الدول الكبري مما سيؤثر سلبًا على الطلب العام، خاصة وأن ارتفاع أسعار تداول النفط يقوض من جهود البنوك المركزية في حربها ضد التضخم.

التوترات الجيوسياسية المتزايدة أدت إلى ارتفاع المعنويات في سوق النفط

شكلت التوترات الجيوسياسية ضغطًا صعوديًا على أسعار النفط في الآونة الأخيرة، في الشرق الأوسط، زاد خطر تورط إيران بشكل مباشر في الصراع في غزة بعد الهجوم على سفارتها في سوريا والهجمات العسكرية المتبادلة بين اسرائيل وإيران، وفي الوقت نفسه، تستمر المناوشات في البحر الأحمر، مع عدم ظهور أي علامة على تخلي إسرائيل عن نواياها العدوانية ضد حماس.

وأثار الهجوم بطائرات بدون طيار في أوكرانيا على المصافي الروسية صدمة أخرى في السوق، وقد تؤدي أحداث المخاطرة هذه إلى دفع أسعار النفط إلى 95 دولار للبرميل أو أعلى على المدى القصير.

قرار سياسة أوبك بلس الأخير وتأثيره على أسعار النفط

عقدت منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفاؤها (أوبك بلس) اجتماعها للجنة المراقبة الوزارية المشتركة (JMMC) في بداية شهر أبريل، وأعلنت عن الاحتفاظ بسياسة الإمداد دون تغيير حتى منتصف عام 2024، بينما ضغطت على بعض الدول المنتجة للنفط لزيادة الالتزام بخفض مستويات الإنتاج، وفى بيان عقب الاجتماع، قالت أوبك إن بعض الأعضاء وعدوا بتحسين التزامهم بأهداف الإمدادات.

وذكرت أوبك بلس في بيانها إن اللجنة رحبت بتعهد كل من العراق وكازاخستان بامتثالهما الكامل للتخفيضات لتعويض فائض الانتاج، بالإضافة إلى اعلان روسيا أن تخفيض الانتاج فى الربع الثانى سيعتمد علي مستوي الانتاج وليس الصادرات، قال نائب رئيس الوزراء الروسى “ألكسندر نوفاك” إن روسيا تمتثل بشكل كامل للالتزام بخفض امدادات النفط كجزء من اتفاق أوبك بلس.

وأدى القرار السياسي الذي اتخذته أوبك بلس إلى ارتفاع أسعار النفط الخام العالمية إلي أعلي مستوي لها فى خمسة أشهر عند 90 دولار للبرميل وهو مستوى شوهد آخر مرة في أكتوبر 2023.

وفي شهر مارس الماضي، وافق أعضاء أوبك بلس تحت قيادة المملكة العربية السعودية وروسيا علي استمرار تمديد خفض الانتاج الطوعي البالغ 2.2 مليون برميل يوميا حتي نهاية شهر يونيو لدعم السوق، وقالت السعودية إنها ستمدد خفضها الطوعي بمقدار مليون برميل يوميا حتى منتصف عام 2024، مما يترك إنتاجها عند حوالي تسعة ملايين برميل يوميا وهو أقل بكثير من طاقتها البالغة 12 مليون برميل يوميا.

كيف تتحكم أوبك بلس في أسعار النفط؟

تنتج دول أوبك نحو 30% من النفط الخام في العالم، وتعتبر المملكة العربية السعودية هي أكبر منتج للنفط داخل المنظمة حيث تنتج أكثر من 10 ملايين برميل يوميا، لذلك فإن قرارتها يكون لها تأثير كبير على أسعار النفط، فعلي سبيل المثال:

– في أبريل 2023 أعلنت أوبك بلس عن تخفيضات في إنتاج النفط بنحو 1.16 مليون برميل يوميا في قرار مفاجئ، أدى التخفيض المفاجئ بقيادة المملكة العربية السعودية إلى ارتفاع أسعار النفط الخام على الفور بنسبة 8% ليصل إلى 83.95 دولار للبرميل وهو أعلى ارتفاع منذ أكثر من عام، وبدأت التخفيضات الطوعية اعتبارا من مايو 2023 وتم وضعها لتستمر حتى نهاية العام.

واجتمعت أوبك بلس لاتخاذ قرارها المقرر بشأن سياسة إنتاج النفط في يونيو 2023 وأعلنت أنها ستخفض مستويات الإنتاج الإجمالية اعتبارًا من عام 2024 بإجمالي 1.4 مليون برميل يوميًا، ومع ذلك، أعلنت المملكة العربية السعودية (العضو المهيمن في منظمة أوبك) أنها ستجري بمفردها تخفيضات كبيرة في الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميًا بدءًا من يوليو 2023، كجزء من اتفاق أوبك بلس الأوسع الذي يحد من الإنتاج حيث تواجه المجموعة أسعار النفط المتدهورة ووفرة المعروض التي تلوح في الأفق، واتفق باقي منتجي أوبك بعد ذلك على تمديد تخفيضات سابقة في الإمدادات حتى نهاية عام 2024.

– وبعد شهر، انضمت روسيا إلى السعودية في الإعلان عن فرض قيود إضافية على صادرات النفط بمقدار 300 ألف برميل يوميا، وفي سبتمبر أعلنت السعودية وروسيا معًا أنهما ستمددان قيود إمدادات النفط بأكثر من 1.3 مليون برميل يوميًا حتى نهاية العام، وأدت تخفيضات الإنتاج التي أعلنتها تلك الدول لأول مرة في يوليو إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام العالمية، حيث وصلت الأسعار إلى أعلى مستوياتها منذ عام واحد تقريبًا.

– بحلول نهاية سبتمبر 2023 ارتفعت أسعار النفط الخام بنسبة 30% في ثلاثة أشهر، مع وصول خام برنت إلى مستوى 100 دولار للبرميل، بسبب تخفيضات الإمدادات من قبل منظمة أوبك، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 29% وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 27% في الفترة من يوليو إلى سبتمبر.

– في أكتوبر 2023 دفعت الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس أسعار النفط الخام إلى الارتفاع ما بين 3% -6%، ومع ذلك، لم يكن من الممكن الحفاظ على الزخم لأن مخاوف الطلب العالمي تفوقت على تأثير تخفيضات العرض، وفي اجتماع السياسة المنعقد في 30 نوفمبر وافقت مجموعة أوبك بلس على خفض الإنتاج بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا في الربع الأول من العام المقبل.

– ومع دخول عام 2024 ظلت أسعار النفط الخام تتداول إلى حد كبير ضمن نطاق محدود حتي نهاية فبراير، ولكن هجوم الطائرات الأوكرانية بدون طيار على مصافي النفط الروسية أدت إلى ارتفاع مفاجئ في الأسعار، وفي شهر مارس وصلت أسعار النفط الخام إلى أعلى مستوى لها منذ خمسة أشهر عند 87 دولار للبرميل بسبب التوترات الجيوسياسية المستمرة، وبعد قرار سياسة أوبك بلس الأخير في أبريل تجاوز خام برنت مستوى 90 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ أكتوبر من العام الماضي.

إلى أين تتجه الأسعار؟

يشعر محللو أسواق السلع الأساسية بالقلق من أن يتجاوز سعر النفط مستوى 90 دولار للبرميل لأن ذلك قد يغذي جولة جديدة من التضخم في الدول المستوردة للنفط، فضلاً عن الإضرار بنمو الطلب المتوقع، قد تؤدي أسعار النفط القوية أيضاً إلىي خفض معدلات الطلب خاصة من الإقتصادات النامية الحساسة للأسعار فى آسيا والتي تعد من أكبر المناطق المستوردة للنفط في العالم.

يعتقد العديد من الخبراء أن سعر خام برنت قد يصل إلى 100 دولار للبرميل إذا شهدنا تصعيدًا في حرب الشرق الأوسط لتتحول إلى حرب شاملة تشمل كبار المنتجين في المنطقة.